الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية جمعيات وشخصيات تندد بتصريحات النائبة فاطمة المسدي وتؤكد: العنصرية ليست وجهة نظر

نشر في  17 فيفري 2025  (09:20)

تحت عنوان "لا تجعلوا الأمومة موطئ قدم للعنصرية-العنصرية ليست وجهة نظر"، أصدرت مجموعة من الجمعيات والشخصيات الوطنية بيانا نددت فيه بتصريحات النائبة فاطمة المسدي، معتبرة بأنه لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال اعتبار العنصرية مجرّد «وجهة نظر» داعية الدولة إلى الالتزام بعدم الانحياز، في أي كتابة أو خطاب، إلى الدعوات العنصرية أو المتعصّبة أو تلك التي تحطّ من كرامة الأفراد أو تدعو إلى التمييز أو احتقار الفئات المستضعفة.
 
وورد نص البيان كالتالي:
 
 
"لا تزال خطابات الكراهية والعنصرية تجتاح الفضاء الافتراضي وتتسرّب إلى المضامين الإعلامية والخطاب السياسي، ضمن موجةٍ جماعيةٍ تتبنّى مقاربات فاشيةٍ واستعماريةٍ مستحضرة للتنميط العرقي الكولونيالي للسود. ترتكز هذه الخطابات على العناصر الأكثر استضعافا وتهميشا لتصل إلى أطفال المهاجرين وأرحام المهاجرات.
 
ففي مقالٍ نُشر على موقعٍ عربيّ، ادّعت النائبة المسدّي أنّ عدد ولادات المهاجرات في تونس يشهد تزايدًا ملحوظا، ودعت السلطات التونسية إلى «إيجاد حلّ جذريّ لإيقاف نزيف الولادات في صفوف الأمهات المهاجرات».
 
تدغدغ هذه الموجة الغرائز العنيفة، وتنشر الخوف والكراهية تجاه الآخر. ويمهِّد هذا الخطاب الطريق أمام أكثر المقاربات تطرفًا وعنصريةً في التاريخ البشري. نحن اليوم أمام خطاب يطالب بالتحكم بولادات النساء المهاجرات والمستضعفات من قبل الدولة بطريقة "جذرية"، منذراً بأن يكون حاضنة لممارسات مشابهة للقوى الاستعمارية والفاشية بتعقيم نساء الجنوب و المنتميات لأقليات عرقية أو دينية.
 
نذكّر أن الحالات الحديثة الموثّقة لتعقيم النساء قسرا هو ما تم توثيقه في مراكز تجميع المهاجرين في أمريكا سنة 2020، وما تواجهه أقلية الإيغور المسلمة على يد السلطات الصينية - رغم إنكار الجهات الرسمية في الحالتين.
 
وهي حالات اهتز لها المجتمع المحلي والعالمي رغم الهرسلة التي تعرضت لها القوى الحقوقية المناهضة لمثل هذه الممارسات المنافية لأبسط تمثلات حقوق الإنسان وحرمة الجسد. وفي هذا امتداد لممارسات تاريخية مماثلة كحملات تعقيم السكان الأصليين في أمريكا الشمالية من قبل السلطات الأمريكية، وفي أمريكا الجنوبية من قبل الشركات الرأسمالية متعددة الجنسيات.
 
نذكر كذلك بأن النائبة المسدي تتمتّع بحصانةٍ سياسيةٍ تحول دون مساءلتها قضائيًا. لا يقتصر خطاب الكراهية والعنصرية الذي تروّجه المسدي وبعض الصفحات على شبكات التواصل على إنكار القيم الإنسانية الأساسية والتزامات الدولة التونسية، بل يقوِّض أيضًا تاريخنا القائم على التعددية واحترام الاختلاف، ويهدِّد مستقبلنا المشترك.
 
كما نذكر بأن القانون عدد 50 لسنة 2018 ينص الآتي «يقصد بالتمييز العنصري على معنى هذا القانون كل تفرقة، أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو غيره من أشكال التمييز العنصري على معنى المعاهدات الدولية المصادق عليها والذي من شأنه أن ينتج عنه تعطيل أو عرقلة أو حرمان من التمتع بالحقوق والحريات أو ممارستها على قدم المساواة أو أن ينتج عنه تحميل واجبات وأعباء إضافية".
إنّ بناء مجتمعٍ متحرّرٍ من الاستغلال والتبعية والعنصرية ورواسب الاستعمار، وقائمٍ على قيم الحرية والعدالة والانتصار لقضايا التحرّر ونصرة ضحايا الاستعمار والعنصرية والكراهية، يفرض علينا جميعًا الوقوف في وجه الخطابات العنصرية والذكورية والتمييزية.
وفي هذا الإطار، نحمل الدولة مسؤولياتها في احترام القانون رقم 50 لسنة 2018، وإرساء السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل التي تضمن الوقاية من كافة مظاهر وممارسات التمييز العنصري والتصدّي لها.
 
كما نؤكّد ضرورة محاربة القوالب النمطية المبنية على الميز العنصري في مختلف الأوساط، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان والمساواة والكرامة للجميع دون استثناء، فضلًا عن ضمان عدم إفلات مرتكبي جرائم الميز العنصري من العقاب.
إننا اليوم ونحن ندد بتصريحات النائب فاطمة المسدي، نذكر بأنه لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال اعتبار العنصرية مجرّد «وجهة نظر». لذا، فإنّنا ندعو الدولة إلى الالتزام بعدم الانحياز، في أي كتابة أو خطاب، إلى الدعوات العنصرية أو المتعصّبة أو تلك التي تحطّ من كرامة الأفراد أو تدعو إلى التمييز أو احتقار الفئات المستضعفة.
إنّ ترسيخ مجتمع يرفض كافة أشكال العنصرية والكراهية هو مسؤولية جماعية تستدعي موقفًا واضحًا وحازمًا من الجميع."